الدول العربية ضيعت الفرصة
إن التراجع في مكانة الطبقة الوسطى في ألمانيا ،،
دفع جهات عديدة وشخصيات نافذة إلى دق ناقوس خطر تبعاته وإلى المطالبة بإجراءات تمنع هذا التراجع ،،
وتعزز هذه المكانة مثل تخفيض الضرائب والرسوم على الشركات والشرائح الاجتماعية المتوسطة .
أما في الدول العربية ،، التي تفتقد أساسا إلى طبقة وسطى قوية ،،
فركزت الدعوات منذ ثمانينات القرن الماضي على ضرورة تشكيل هذه الطبقة أو تعزيز دورها ،،
لأن النهوض الاقتصادي والاستقرار السياسي مرهون بحجم هذا الدور ..
ورافق هذه الدعوات جهود أثمرت جزئيا في نشوء فئات وسطى عُقدت عليها آمال عريضة ،،
في دول مثل مصر والأردن والمغرب وتونس ولبنان وسوريا والجزائر .
غير أن هذه الدور ما لبث أن توقف أوائل القرن الحالي لأسباب ،،
من أبرزها استمرار غياب التعددية السياسية والشفافية وحرية الرأي ودولة القانون ..
وهو الأمر الذي سمح بتحالف الفئات الوسطى الناشئة مع النظم الشمولية في بلدانها بشكل أدى إلى احتكار الأسواق ،،
ومنع توسيع نطاق هذه الفئات لتشمل غالبية أفراد المجتمع ،،
كما هو عليه الحال في البلدان الصناعية أو الصناعية الناشئة في جنوب شرق آسيا ،،
على حد تعبير البروفسور ديتر فايس ،، أستاذ العلوم الاقتصادية للشرق الأدنى سابقا في جامعة برلين الحرة ..
ويتم هذا التحالف من خلال علاقات اجتماعية وعائلية متشابكة ومصالح متبادلة ،،
يتم من خلالها حصر عطاءات المشاريع بالفئات المذكورة ،،
وتجيير القوانين لصالحها في إطار صفقات تفوح منها رائحة الفساد والمحسوبية ،،
وتحرم الفئات المبدعة والمجددة من أية فرصة للترقي الوظيفي والاقتصادي والاجتماعي ..
وهو الأمر الذي يدفع أعداد متزايدة من الأخيرة إلى الهجرة باتجاه الدول الصناعية الغنية ..
وتشكل هجرة العقول والكفاءات من مصر وسوريا والعراق خلال العقود الثلاثة الماضية ،،
أمثلة دامغة على بلدان كان بالإمكان الاعتماد على خبراتها الوطنية في التأسيس لاقتصاد متنوع ،،
يؤهل لدخولها إلى عالم الدول الصاعدة ..
أما الدول العربية النفطية وفي مقدمتها السعودية ،،
فهي تعتمد حتى الآن على ريع النفط أكثر من اعتمادها على مصادر دخل أخرى من صنع طبقات وسطى ..
وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على أول طفرة نفطية في عام 1974 جلبت احتياطات مالية ضخمة ،،
فإنه لا يوجد دولة نفطية عربية واحدة استطاعت تنويع مصادر دخلها على غرار النرويج ،،
التي تحولت خلال أقل من ثلاثة عقود بفضل الاستخدام الرشيد للثروة النفطية من بلد زراعي ويعتمد على الصعيد البحري ،،
إلى دولة تعتمد على صناعات تحويلية وخدمات حديثة متنوعة تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية ..
وبعد اندلاع الاحتجاجات السياسية في إطار ما يسمى ثورات "الربيع العربي" في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ،،
وما رافقها من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ،،
أصبح الهاجس الأمني من أولويات الدول العربية ..
وعلى ضوء ذلك تزايدت حمى الهجرة في صفوف الكفاءات الوطنية باتجاه أوروبا وشمال أمريكا ..
غياب الاستقرار الأمني والتعددية السياسية والفشل في التأسيس لبناء نظم ديمقراطية وهجرة الكفاءات ،،
كلها عوامل تؤدي إلى تراجع الاقتصاد والركود والتضخم وتراجع مستويات الدخل واتساع دائرة الفقر ،،
بشكل يحرم الدول العربية من فرص تشكيل طبقات وسطى تضمن لها مستقبل آمن إلى أجل غير مسمى ..
لكم التعليق
دفع جهات عديدة وشخصيات نافذة إلى دق ناقوس خطر تبعاته وإلى المطالبة بإجراءات تمنع هذا التراجع ،،
وتعزز هذه المكانة مثل تخفيض الضرائب والرسوم على الشركات والشرائح الاجتماعية المتوسطة .
أما في الدول العربية ،، التي تفتقد أساسا إلى طبقة وسطى قوية ،،
فركزت الدعوات منذ ثمانينات القرن الماضي على ضرورة تشكيل هذه الطبقة أو تعزيز دورها ،،
لأن النهوض الاقتصادي والاستقرار السياسي مرهون بحجم هذا الدور ..
ورافق هذه الدعوات جهود أثمرت جزئيا في نشوء فئات وسطى عُقدت عليها آمال عريضة ،،
في دول مثل مصر والأردن والمغرب وتونس ولبنان وسوريا والجزائر .
غير أن هذه الدور ما لبث أن توقف أوائل القرن الحالي لأسباب ،،
من أبرزها استمرار غياب التعددية السياسية والشفافية وحرية الرأي ودولة القانون ..
وهو الأمر الذي سمح بتحالف الفئات الوسطى الناشئة مع النظم الشمولية في بلدانها بشكل أدى إلى احتكار الأسواق ،،
ومنع توسيع نطاق هذه الفئات لتشمل غالبية أفراد المجتمع ،،
كما هو عليه الحال في البلدان الصناعية أو الصناعية الناشئة في جنوب شرق آسيا ،،
على حد تعبير البروفسور ديتر فايس ،، أستاذ العلوم الاقتصادية للشرق الأدنى سابقا في جامعة برلين الحرة ..
ويتم هذا التحالف من خلال علاقات اجتماعية وعائلية متشابكة ومصالح متبادلة ،،
يتم من خلالها حصر عطاءات المشاريع بالفئات المذكورة ،،
وتجيير القوانين لصالحها في إطار صفقات تفوح منها رائحة الفساد والمحسوبية ،،
وتحرم الفئات المبدعة والمجددة من أية فرصة للترقي الوظيفي والاقتصادي والاجتماعي ..
وهو الأمر الذي يدفع أعداد متزايدة من الأخيرة إلى الهجرة باتجاه الدول الصناعية الغنية ..
وتشكل هجرة العقول والكفاءات من مصر وسوريا والعراق خلال العقود الثلاثة الماضية ،،
أمثلة دامغة على بلدان كان بالإمكان الاعتماد على خبراتها الوطنية في التأسيس لاقتصاد متنوع ،،
يؤهل لدخولها إلى عالم الدول الصاعدة ..
أما الدول العربية النفطية وفي مقدمتها السعودية ،،
فهي تعتمد حتى الآن على ريع النفط أكثر من اعتمادها على مصادر دخل أخرى من صنع طبقات وسطى ..
وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على أول طفرة نفطية في عام 1974 جلبت احتياطات مالية ضخمة ،،
فإنه لا يوجد دولة نفطية عربية واحدة استطاعت تنويع مصادر دخلها على غرار النرويج ،،
التي تحولت خلال أقل من ثلاثة عقود بفضل الاستخدام الرشيد للثروة النفطية من بلد زراعي ويعتمد على الصعيد البحري ،،
إلى دولة تعتمد على صناعات تحويلية وخدمات حديثة متنوعة تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية ..
وبعد اندلاع الاحتجاجات السياسية في إطار ما يسمى ثورات "الربيع العربي" في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ،،
وما رافقها من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ،،
أصبح الهاجس الأمني من أولويات الدول العربية ..
وعلى ضوء ذلك تزايدت حمى الهجرة في صفوف الكفاءات الوطنية باتجاه أوروبا وشمال أمريكا ..
غياب الاستقرار الأمني والتعددية السياسية والفشل في التأسيس لبناء نظم ديمقراطية وهجرة الكفاءات ،،
كلها عوامل تؤدي إلى تراجع الاقتصاد والركود والتضخم وتراجع مستويات الدخل واتساع دائرة الفقر ،،
بشكل يحرم الدول العربية من فرص تشكيل طبقات وسطى تضمن لها مستقبل آمن إلى أجل غير مسمى ..
لكم التعليق
0 التعليقات:
إرسال تعليق