العش المهجور
بمنحى من مراقبة العيون
و منأى عن متابعة الظنون
بمنحى من مراقبة العيون
و منأى عن متابعة الظنون
و في ظل النخيل حطام عش
تلفع بالأزاهر و الغصون
ترحل طائراه فبارت خلوا
عميق الحزن متصل السكون
يكاد نسيجه عشبا وزهرا
يبوح بما يسر من الأنين
يحن إلى الجداول و الروابي
و ضاكة السهول و الحزون
لقد ذهب الذي سلاه عنها
فعاد إلى التشوق و الحنين
كأن العش حين خلا و أقوى
و متا به صدى النغم الحنون
غدير جف غاربه و ماتت
أغاني موجه المرح المعين
كأن قشاشة أوتار عود
مكفنة بها جثث اللحون
و أبدل من ظعين قد تولى
بما لم يسله حب الظعين
إذا متع النهار أوت إليه
ظلال النخل ناعسة الجفون
و يطرقه شعاع النجم و هنا
و ضوء البدر حينا بعد حين
طروق الذكريات فؤاد صب
كثير الشجو منقطع الوتين
تمر به النسائم هامسات
فتنشر فيه عطر الياسمين
و توقظ في جوانبه الأغاني
عذاب الجرس فاتنة الرنين
و كم غمرته أنفاس الخزامى
قد امتزجت بدمع ندي هتون
و ربة وحشة تأوي إليه
إذا أوت الطيور إلى الوكون
ليشبهني مثل حالي
و شأن في الغرام حكى شؤون
فقلبي لا يزال قرين شجو
متى هفت القلوب إلى قرين
إذا الأحلام زرن عيون غيري
تزور العبرة الحرى عيوني
يكاد العش إن هتفت صدوح
يبادلها غناء شج حزين
و ليل نام سامره اكتئابا
أثار له الخفي من الشجون
و أذكره ليالي ذاهبات
فغص من الكآبة بالدجون
..................................................... السياب
0 التعليقات:
إرسال تعليق