التعليم في فنلندا ( الواجب المنزلي عفا عليه الزمن )
إنها مسألة بقاء ، وليس لها من سبيل غير الاستثمار في التعليم والتدريب ..
وزيرة التعليم الفنلندية تولا هاتانين ، متحدثة عن كيفية نهضة بلادها ومنافستها مع سائر بلدان العالم
يعتبر التعليم في فنلندا تجربة فريدة وعلامة مميزة تستحق الاطلاع عليها ،
وتستحق أن نقف لها إحتراماً وتقديراً على ما وصلوا إليه في
هذا المجال .
فذلك البلد الذي أنهكته الصراعات السياسية والحروب العالمية
قديما ،
حقق قفزات هائلة في مجال التعليم غيرت ملامحه تماماً .
لكن السؤال
هنا هو كيف استطاعت الوصول الى ذلك ؟
في البداية دعونا نتعرف سريعاً على جمهورية فنلندا :
تقع جمهورية فنلندا في المنطقة الفينوسكاندية في شمال أوروبا، وتعتبر ثامن
أكبر بلد أوروبي من حيث المساحة، وأقل بلدان الاتحاد الأوروبي كثافة
سكانية. عاصمتها هلسنكي، ويبلغ تعداد سكانها 5.5 مليون نسمة.
إستقلّت فنلندا عن روسيا البلشفية عام 1917 وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 1995.
كانت فنلندا بلد يعتمد اقتصاده على الزراعة إلى حد كبير ،
ثم تحولت بعد ذلك
إلى بلد ذو اقتصاد معرفي متقدم ،
وذلك بفضل التعليم الذي شكّل أهم ركيزة في
هذا التحول .
البداية من الطفل
كعادة
كل البلاد التي استطاعت تحقيق نهضة شاملة ،
بدأت فنلندا بالاهتمام بالأطفال
وتعليمهم ،
لذلك بدأ اتجاه تطوير التعليم في ستينات القرن الماضي
وأطلقت
حملة تحت شعار “لن ننسى طفل”
وذلك لتشجيع جميع الأطفال على التعليم
ونتيجة
لذلك بلغت نسبة الفنلنديين الذين أنهوا التعليم الإلزامي 99%.
التعليم مجاني للجميع بما في ذلك الأجانب
يفرض القانون الفنلندي تعليماً إلزامياً على جميع المواطنين في مرحلة التعليم الأساسي ،
كما يلزم الدولة بضمان مجانية التعليم في جميع المراحل بما في ذلك المرحلة الجامعية بغض النظر عن الخلفية المجتمعية أو السن أو الوضع المادي أو مكان الإقامة لكل مواطن .
كما تلتزم الدولة في مرحلتي التعليم قبل الابتدائي والتعليم الأساسي بتوفير الكتب الدراسية ، والوجبات اليومية ، ووسائل النقل للطلاب المقيمين بعيداً عن المدرسة بأكثر من 3 كيلومترات .
كذلك إنطلاقا من مبدأ المساواة في التعليم ،
يتم توفير التعليم لذوي الاحتياجات
الخاصة جنبا إلى جنب مع التعليم النظامي ،
وينص مبدأ المساواة أيضا على دمج
جميع الطلاب سواء كانوا يعانون من صعوبات في التعلم أو كانوا ينتمون الى
خلفيات اجتماعية متنوعة .
أيضًا لا يلتزم الأطفال بارتداء زي موحد ،
ويسمح لهم بخلع الأحذية ، وارتداء أشياء مريحة لهم في القدم .
وينص القانون
على ألا يتم اختبار الطفل حتى يصل عمره إلى 11 عاما .
ويدرس الطلاب عدد
ساعات أقل من كثير من دول العالم كالولايات المتحدة وفرنسا ، كما ينص
القانون أيضاً على أن الواجب المنزلي لا يجب أن تتجاوز مدة أدائه وحلّه نصف
ساعة فقط يوميا .
المعلم : الطرف الآخر من المعادلة
في
فنلندا ليس من السهل أن تصبح معلماً
إذ أن خريجي الجامعات حديثي العهد لا
يُرسلون لتشكيل عقول الأطفال مباشرة بعد التخرج ، بل يجب على كل المعلمين
(باستثناء معلمي الروضة)
أن يكملوا برنامج ماجستير عالي التنافسية ومدعوم
بالكامل من الدولة .
صحيح أن المعلم في فنلندا يخضع لتأهيل علمي
وتدريب شاق قبل التدريس ،
إلا أن الأمر يستحق في مقابل ما يحصل عليه من
مكانة وتقدير ووسائل تساعده على إتمام رسالته بنجاح .
حيث يقضي المعلم في
المتوسط 4 ساعات يومياً في الفصل
وهو ما يعطيه وقتاً أطول لتخطيط الدروس ،
وتزويد الطلاب بالمساعدة الإضافية ، والمشاركة في متطلبات تطوير المعلم
الأسبوعية .
مراحل التعليم في فنلندا
أولاً : مرحلة التعليم ما قبل المدرسي
عبارة
عن سنة واحدة فقط قبل التعليم المدرسي في مراكز الرعاية النهارية.
المشاركة في هذه المرحلة عمل تطوعي ،
وينص قانون التعليم الأساسي أن كل طفل
لديه الحق في التعليم ما قبل الابتدائي ، والسلطات المحلية ملزمة بتوفير ذلك
النوع من التعليم .
تهدف هذه المرحلة إلى تحسين قدرة الطفل على التعلم من خلال الممارسة العملية والتي تكسبه مهارات جديدة عن طريق اللعب.
تهدف هذه المرحلة إلى تحسين قدرة الطفل على التعلم من خلال الممارسة العملية والتي تكسبه مهارات جديدة عن طريق اللعب.
ثانياً : مرحلة التعليم الأساسي
مرحلة إجبارية تبدأ عند سن السابعة وتستمر 9 سنوات
ويدرس فيها الطلاب المواد الآتية :
اللغة
الأم (الفنلندية أو السويدية) ، والأدب ، واللغة الثانية (اللغات الأجنبية) ،
والدراسات الاجتماعية ، والتثقيف الصحي ، والدين والأخلاق ، والموسيقى ،
بالإضافة إلى العديد من المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء .
في
هذه المرحلة لا توجد إختبارات عامة للطلاب،
وعوضاً عن هذه الاختبارات ،
يقوم المدرسون بعملية تقييم للمواد الخاصة بهم
بناءً على الأهداف المحددة
في المنهج الدراسي ،
وذلك عن طريق اختبار 10% من كل شريحة عمرية لإجراء
الاختبارات عليها ، وتحتفظ المدارس بالنتائج بكل سرية
حتى يطلبها مجلس
التعليم الوطني بغرض تحسين التعليم .
ثالثا : مرحلة التعليم الثانوي
بهــو أحد المدارس الثـانوية في فنلندا !
تبدأ
هذه المرحلة بعد التعليم الأساسي ،
وينقسم التعليم الثانوي في فنلندا إلى
ثانوي عام وثانوي مهني وفني ،
ويذهب حوالي 60% من الطلاب إلى الثانوي العام
بينما يذهب 40% إلى الثانوي المهني والفني .
أ- التعليم الثانوي العام :
تستمر
هذه المرحلة 3 سنوات
ويمكن إختصارها أو تمديدها وفق تقييم المدرسة للطالب .
هذه المرحلة أكثر مرونة من المراحل الأخرى
إذ يُسمح للطالب باجتيازها في
أقل من 3 سنوات بشرط أن يجتاز الحد الأدنى 75 دورة دراسية بمعدل 3 ساعات
لكل منهم ، و 47-51 دورة إجبارية ،
أما باقي الدورات فتشتمل على التخصصات
المختلفة حسب رغبة الطالب .
ب- مرحلة التعليم المهني :
التعليم
الثانوي المهني يحتوي على سبع مؤهلات مختلفة هي :
الإدارة والأعمال ،
التكنولوجيا والنقل ، التغذية والعلوم المنزلية ، العلوم الاجتماعية والصحية ،
الترفيه والرياضة ، والثقافة والموارد الطبيعية .
بعد الانتهاء من
السنوات الثلاث الأساسية يمكن للطلاب التقدم بطلب للحصول على مكان في إحدى
الجامعات أو معاهد العلوم والفنون التطبيقية .
رابعًا : مرحلة التعليم العالي
يوجد
في فنلندا 20 جامعة تشكل شبكة التعليم العالي في البلاد ،
والتي تعد واحدة
من أفضل شبكات التعليم العالي في أوروبا ..
تنقسم الجامعات إلى 3 جامعات
للتكنولوجيا ،
3 للاقتصاد وإدارة الأعمال ، 4 أكاديميات للفنون ،
ويوجد 29
معهداً تطبيقياً في تخصصات مختلفة .
النتائج :
1
– أصبحت فنلندا أفضل دول العالم في كفاءة النظام التربوي وفقا لآخر
تقييمين لعامي 2003 و 2006
تم اجراؤهم من قبل منظمة التعاون الاقتصادي
والتنمية .
2 – نسبة التهرب من التعليم الإجباري انخفضت إلى 0.5% فقط .
3 – نسبة الرسوب في الصف تساوي 2% فقط .
4 – احتل التعليم الفنلندي المرتبة الأولى عالمياً
2 – نسبة التهرب من التعليم الإجباري انخفضت إلى 0.5% فقط .
3 – نسبة الرسوب في الصف تساوي 2% فقط .
4 – احتل التعليم الفنلندي المرتبة الأولى عالمياً
طبقا لتصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي .
5 – في مجال البحث العلمي ،
5 – في مجال البحث العلمي ،
حصلت فنلندا عام 2005 على المرتبة الرابعة من
حيث نصيب الفرد من المنشورات العلمية في دول منظمة التعاون والتنمية
الاقتصادية ،
وفي عام 2007 سجلت 1801 براءة اختراع .
إلغاء المواد : فنلندا تواصل إبهار العالم
أعرب المسؤولون عن التعليم في فنلندا عن نيتهم إلغاء
الاعتماد على المواد الدراسية ، والاستعاضة عنها بـ”موضوعات”، وأوضح الداعمون
للفكرة أنها ستمثل ثورة في طرق التعلم في فنلندا حيث لن يحتاج الطالب
لتلقي ساعة كاملة في مادة التاريخ على سبيل المثال ، ثم تليها حصة بنفس
المدة لمادة الكيمياء مثلاً، بل سيتم التركيز على موضوع معين من خلاله يمكن
للطالب أن يحصل على مجموعة من المعلومات المرتبطة بعدة مواد في نفس الوقت .
فإذا
كان الموضوع حول كيفية تقديم الخدمات الفندقية مثلاً ،
سيتضمن معلومات عن
الحساب واللغات ومهارات التواصل ،
وإذا كان عن الاتحاد الأوروبي سيتضمن
معلومات عن التاريخ والاقتصاد والجغرافيا واللغات .
ربما تواصل فنلندا إبهار العالم في مجالات التعليم ،
الأمر الذي يطرح تساؤلًا هامّا :
هل
سيصل العرب يومًا الى نفس تلك الدرجة من الكفاءة التعليمية ،
أم سيبقى
الوضع على ما هو عليه ، وعلى المتضرر من أنظمة التلقين التعليم ، اللجوء الى
مصادر تعلّم بديلة
لكم التعليق
0 التعليقات:
إرسال تعليق